فهمى صالح الرجل الصالح نجمة في سماء بعيدة
فتحنا عيوننا في حى 114 الحبيب وتعلمنا في ازقته الصغيرة وبيوته المعروشة بالمحبة اشياء كثيرة نبيلة وغالية ، كنا فقراء ابناء فقراء، بسطاء ابناء بسطاء، اغلب امهاتنا أميات وكذلك الاباء المتعلم فيهم يفك الخط بالكاد، لكن بمقدور المرء ان يجزم باننا حظينا باجمل واروع وافضل بيئة اجتماعية يمكن أن يحظى بها اطفال وشباب، كانت بيئة طاهرة ونظيفة ومملؤة بالحب والمحبة، كان الكبار كلهم اخوانا واباءا والأمهات كلهن أمهات للكل والأخوات محل تقدير واحترام ،تربينا علي الثقة المتبادلة وعلي الأخوة الصادقة والرجولة والشهامة والكرم والإيثار والتعاون،كانت بيوت الرذيلة علي مرمى حجر منا وكان اولاد الفريق متعففين وعلي خلق ودين، وكانت بيوت الخمور علي قارعة الطريق وكان الحى معافى، كان فهمى نجمة بعيدة متميزة، شاب بدين نوعا ما ولكنه ضاحك بشوش نشط خفيف الحركة لايغيب عن أي نشاط او مبادرة أو مباراة أو تمرين لفريق الأهلي مدنى عشقه الكبير وعن تمارين فرق الحي 114، كان منزلهم يتبع جغرافيا لحى الحلة الجديدة ولكن بوابته الفاتحة علي بيوت 114 فتحت قلوب أهل البيت علي حب الكمبو وأهله فباتوا جزءا لايتجزأ من الكمبو، بات فهمي واسرته كلها ينتمون انتماءا كاملا للكمبو ولايعرفون حيا غيره برغم احتفاظهم بعلاقات طيبة مع اهل الحلة الجديدة جعلت منهم قنطرة ربطت بين اهل الحيين المتجاورين، لم يلعب فهمى الكرة ابدا، ربما بسبب بدانته، ولكنه كان عاشقا لكرةالقدم ونشاطها الاداري لم تعرف المدينة والمنطقة الجنوبية مثيلا له في ذلك العطاء والوفاء الا قلة نادرة توشحت بها مدينة مدنى في ذلك الزمان الجميل ، لمعوا مثل شهب جاءت من السماء فاضأت الكون برهة من الزمان ثم غابت وتركت الناس في شوق اليها، ولعل المقام مقام ذكر لتلك الاسماء: عبدة مالك ومحجوب فضل وصلاح الشاذلى وازهري حبيب نسي وصلاح حسن والنور الفلاتي وبابكر بتاع فريق الوادى وجيرانه ناس الصايم والاستاذ بتاع فريق الوادي وناس يسين بتاع نجوم المزاد في الرابطة الجنوبية وهناك ناس عبد الله سرالختم في التضامن وناس مجدالدين وابوليلي في الثوار وناس الشاعر في الاصلاح وناس الكوارتة وغيرهم ممن سقطوا من الذاكرة ولكنهم يبقوا في ذاكرة المدينة نجوما بعيدة قامت علي اكتافها نهضة مدنى الكروية، لم ينهبوا مال شعب ولم يكونوا اثرياء ثراءا مشبوها ولم يكونوا يطالبون بديون علي الاندية ولم يعرف احد كيف انفقوا عليها، لكنهم كانوا جميعا شموعا تحترق لاجل الاخرين ويفعلون ما يفعلون كالشهداء يموتون في صمت بلا انتظار للثمار، كان فهمي احد اولئك النبلاء الذين جاد بهم الزمان علي اهل السودان فاعطوا بلا كلل وعملوا بلا أمل اقاموا علي سفر وفارقوا علي عجل، ومضوا كالاحلام ، كالشهب، كامطار الخريف، تمضي الي جوف الارض وتغيب فيه فتخرج خيرا عميما للاخرين، كان فهمى بابتسامة دائمة وعقل مرتب هو من أشرف علي ادارة فريق المجد 114 منذ التأسيس وحتى ذهاب المجد الي العدم الذي جاء منه، كان اداريا فذا وهماما وملما بقواعد ادارة نشاط الناشئين ولبقا وصارما في التعامل مع اللاعبين وقد كنت أحدهم لفترة طويلة،لم تصدر عنه يوما لفظة نابية، لم يوجه اساءة للاعب أو خصم أو حكم أو اداري أو مشجع، كان كل جهده وفكره منصبا علي شؤون الفريق، تسجيلاته وصحتها وخطوطه وتقويتها ونشاطه وانتظامه وانتصاره بالطرق المشروعة، لذلك كانت سمعة فريق المجد دوما فوق كل الشبهات ولم يرتبط اسم المجد بشغب أو اعتداء علي حكم أو سوء سلوك من أي نوع، وكان لفهمى ورفاقه في الادارة وعلي رأسهم الاخ الفاتح عبد الوهاب رئيس فريق المجد دور كبير في ذلك السجل الناصع لفريق جاء من العدم وبات في زمن وجيز من عمالقة الرابطة الجنوبية وهى اقوي رابطة في مدنى انذآك، كان فهمى صديقا للاعبي الفريق جميعا بلا تفرقة أو تمييز وكان حاضرا دوما في النادي حيث كان عاشقا للضمنة ولاعبا ماهرا له صولات وجولات فيها مع الريح ابوالريح والمرحوم صلاح التلب مدافع المجد والاخ يوسف الله جابو والاخ صلاح حسن سعيد، جمعتنا بفهمي ذكريات كثيرة منها رحلتنا الي مدينة الابيض واستقبالنا لناس الابيض في النادى حين ردوا الينا الزيارة، فقد كان نجما في المناسبتين، وكانت لنا رحلة اخري الي سنار ورحلة رابعة الي الخرطوم الامتداد، كانت ذكريات جميلة، كانت لفهمي مداعبات خاصة مع زامبيا وفرفر والاخ ناجى تشتش والاخ عادل محمد مختار الثعلب ومحجوب كرفون لاعب الوسط الرهيب بفريق المجد، اما علاقته بالاخ عماد كسبرة وعماد الدنكوج ومحمد احمد الرشيد باكات الفريق فقد كانت علاقة خاصة قوامها مداعبات متبادلة. لا اذكر للاخ فهمي مشكلة مع احد في مجتمع المجد ابدا، غير انه لم يرض انتقالي الي فريق الثوار دون الحصول علي موافقة ادارة المجد، فترت علاقته بي ولكن سرعان ماعادت المياه الي مجاريها وظلت الابتسامة دوما علي ذلك الوجه الطيب حتى اضطرتنى ظروف عملي للغياب طويلا عن مدنى، جتي كان لقائي الاخير به في مدينة كريمة حين جاء مع محبوبه الاهلي في العام 2011 لمباراة في التأهيلي امام الجبل كريمة، كنت بالاستاد اثناء المباراة حين اقبل نحوى شخص نحيف بدت ملامحه مألوفة لكننى لم اعرفه فهمس مبتسما( انا فهمي ياحارس.....انا فهمى) تقالدنا بحرارة وكان يهمس( انا ما جانى سرطان ياحارس، قربت اروح فيها وربك كتب لي عمر) كان لقاءا مؤثرا جدا وقصيرا جدا ، واخيرا جاء نعيه كالصاعقة.. رحل الرجل الذي زرع الكمبو بالابتسامة وكان من ابرز صناع مجد المجد فيه، كان خريفا كريما في كل شئ، كان ابا واخا وصديقا ونجما في سماء بعيدة
وكعادته في كل شئ كان فهمى باسلا في صراعه مع مرض السرطان اللعين الذي استوطن بدنه ولكنه لم يتمكن من هزيمة روحه
ظل الرجل يقاوم ببسالة حتى نهض من المرض في نهوض مدهش وباشر حياته بضعة اشهر وفعل كل مايحبه ورافق فريق الاهلي في رحلات مهمة للعودة للممتاز وعاش معه فرحة العودة لموقعه ثم زوت الشجرة الخضراء وماتت واقفة ورحل الرجل رحيلا فاجعا الي عالم ارحب وارحم
اللهم ارحم فهمى صالح واجعل الجنة مثواه مع الصديقين والشهداء
فتحنا عيوننا في حى 114 الحبيب وتعلمنا في ازقته الصغيرة وبيوته المعروشة بالمحبة اشياء كثيرة نبيلة وغالية ، كنا فقراء ابناء فقراء، بسطاء ابناء بسطاء، اغلب امهاتنا أميات وكذلك الاباء المتعلم فيهم يفك الخط بالكاد، لكن بمقدور المرء ان يجزم باننا حظينا باجمل واروع وافضل بيئة اجتماعية يمكن أن يحظى بها اطفال وشباب، كانت بيئة طاهرة ونظيفة ومملؤة بالحب والمحبة، كان الكبار كلهم اخوانا واباءا والأمهات كلهن أمهات للكل والأخوات محل تقدير واحترام ،تربينا علي الثقة المتبادلة وعلي الأخوة الصادقة والرجولة والشهامة والكرم والإيثار والتعاون،كانت بيوت الرذيلة علي مرمى حجر منا وكان اولاد الفريق متعففين وعلي خلق ودين، وكانت بيوت الخمور علي قارعة الطريق وكان الحى معافى، كان فهمى نجمة بعيدة متميزة، شاب بدين نوعا ما ولكنه ضاحك بشوش نشط خفيف الحركة لايغيب عن أي نشاط او مبادرة أو مباراة أو تمرين لفريق الأهلي مدنى عشقه الكبير وعن تمارين فرق الحي 114، كان منزلهم يتبع جغرافيا لحى الحلة الجديدة ولكن بوابته الفاتحة علي بيوت 114 فتحت قلوب أهل البيت علي حب الكمبو وأهله فباتوا جزءا لايتجزأ من الكمبو، بات فهمي واسرته كلها ينتمون انتماءا كاملا للكمبو ولايعرفون حيا غيره برغم احتفاظهم بعلاقات طيبة مع اهل الحلة الجديدة جعلت منهم قنطرة ربطت بين اهل الحيين المتجاورين، لم يلعب فهمى الكرة ابدا، ربما بسبب بدانته، ولكنه كان عاشقا لكرةالقدم ونشاطها الاداري لم تعرف المدينة والمنطقة الجنوبية مثيلا له في ذلك العطاء والوفاء الا قلة نادرة توشحت بها مدينة مدنى في ذلك الزمان الجميل ، لمعوا مثل شهب جاءت من السماء فاضأت الكون برهة من الزمان ثم غابت وتركت الناس في شوق اليها، ولعل المقام مقام ذكر لتلك الاسماء: عبدة مالك ومحجوب فضل وصلاح الشاذلى وازهري حبيب نسي وصلاح حسن والنور الفلاتي وبابكر بتاع فريق الوادى وجيرانه ناس الصايم والاستاذ بتاع فريق الوادي وناس يسين بتاع نجوم المزاد في الرابطة الجنوبية وهناك ناس عبد الله سرالختم في التضامن وناس مجدالدين وابوليلي في الثوار وناس الشاعر في الاصلاح وناس الكوارتة وغيرهم ممن سقطوا من الذاكرة ولكنهم يبقوا في ذاكرة المدينة نجوما بعيدة قامت علي اكتافها نهضة مدنى الكروية، لم ينهبوا مال شعب ولم يكونوا اثرياء ثراءا مشبوها ولم يكونوا يطالبون بديون علي الاندية ولم يعرف احد كيف انفقوا عليها، لكنهم كانوا جميعا شموعا تحترق لاجل الاخرين ويفعلون ما يفعلون كالشهداء يموتون في صمت بلا انتظار للثمار، كان فهمي احد اولئك النبلاء الذين جاد بهم الزمان علي اهل السودان فاعطوا بلا كلل وعملوا بلا أمل اقاموا علي سفر وفارقوا علي عجل، ومضوا كالاحلام ، كالشهب، كامطار الخريف، تمضي الي جوف الارض وتغيب فيه فتخرج خيرا عميما للاخرين، كان فهمى بابتسامة دائمة وعقل مرتب هو من أشرف علي ادارة فريق المجد 114 منذ التأسيس وحتى ذهاب المجد الي العدم الذي جاء منه، كان اداريا فذا وهماما وملما بقواعد ادارة نشاط الناشئين ولبقا وصارما في التعامل مع اللاعبين وقد كنت أحدهم لفترة طويلة،لم تصدر عنه يوما لفظة نابية، لم يوجه اساءة للاعب أو خصم أو حكم أو اداري أو مشجع، كان كل جهده وفكره منصبا علي شؤون الفريق، تسجيلاته وصحتها وخطوطه وتقويتها ونشاطه وانتظامه وانتصاره بالطرق المشروعة، لذلك كانت سمعة فريق المجد دوما فوق كل الشبهات ولم يرتبط اسم المجد بشغب أو اعتداء علي حكم أو سوء سلوك من أي نوع، وكان لفهمى ورفاقه في الادارة وعلي رأسهم الاخ الفاتح عبد الوهاب رئيس فريق المجد دور كبير في ذلك السجل الناصع لفريق جاء من العدم وبات في زمن وجيز من عمالقة الرابطة الجنوبية وهى اقوي رابطة في مدنى انذآك، كان فهمى صديقا للاعبي الفريق جميعا بلا تفرقة أو تمييز وكان حاضرا دوما في النادي حيث كان عاشقا للضمنة ولاعبا ماهرا له صولات وجولات فيها مع الريح ابوالريح والمرحوم صلاح التلب مدافع المجد والاخ يوسف الله جابو والاخ صلاح حسن سعيد، جمعتنا بفهمي ذكريات كثيرة منها رحلتنا الي مدينة الابيض واستقبالنا لناس الابيض في النادى حين ردوا الينا الزيارة، فقد كان نجما في المناسبتين، وكانت لنا رحلة اخري الي سنار ورحلة رابعة الي الخرطوم الامتداد، كانت ذكريات جميلة، كانت لفهمي مداعبات خاصة مع زامبيا وفرفر والاخ ناجى تشتش والاخ عادل محمد مختار الثعلب ومحجوب كرفون لاعب الوسط الرهيب بفريق المجد، اما علاقته بالاخ عماد كسبرة وعماد الدنكوج ومحمد احمد الرشيد باكات الفريق فقد كانت علاقة خاصة قوامها مداعبات متبادلة. لا اذكر للاخ فهمي مشكلة مع احد في مجتمع المجد ابدا، غير انه لم يرض انتقالي الي فريق الثوار دون الحصول علي موافقة ادارة المجد، فترت علاقته بي ولكن سرعان ماعادت المياه الي مجاريها وظلت الابتسامة دوما علي ذلك الوجه الطيب حتى اضطرتنى ظروف عملي للغياب طويلا عن مدنى، جتي كان لقائي الاخير به في مدينة كريمة حين جاء مع محبوبه الاهلي في العام 2011 لمباراة في التأهيلي امام الجبل كريمة، كنت بالاستاد اثناء المباراة حين اقبل نحوى شخص نحيف بدت ملامحه مألوفة لكننى لم اعرفه فهمس مبتسما( انا فهمي ياحارس.....انا فهمى) تقالدنا بحرارة وكان يهمس( انا ما جانى سرطان ياحارس، قربت اروح فيها وربك كتب لي عمر) كان لقاءا مؤثرا جدا وقصيرا جدا ، واخيرا جاء نعيه كالصاعقة.. رحل الرجل الذي زرع الكمبو بالابتسامة وكان من ابرز صناع مجد المجد فيه، كان خريفا كريما في كل شئ، كان ابا واخا وصديقا ونجما في سماء بعيدة
وكعادته في كل شئ كان فهمى باسلا في صراعه مع مرض السرطان اللعين الذي استوطن بدنه ولكنه لم يتمكن من هزيمة روحه
ظل الرجل يقاوم ببسالة حتى نهض من المرض في نهوض مدهش وباشر حياته بضعة اشهر وفعل كل مايحبه ورافق فريق الاهلي في رحلات مهمة للعودة للممتاز وعاش معه فرحة العودة لموقعه ثم زوت الشجرة الخضراء وماتت واقفة ورحل الرجل رحيلا فاجعا الي عالم ارحب وارحم
اللهم ارحم فهمى صالح واجعل الجنة مثواه مع الصديقين والشهداء
No comments:
Post a Comment
شكرا علي المشاركة والتواصل