Sunday, May 24, 2015

أيام دارفور (2) سيرة

عندما لامست عجلات الطائرة أرضية المدرج وركضت مثل نعامة رشيقة مسافة على المدرج قبل ان تستقر تماما ويرتفع صوت مهنئا بسلامة الوصول  تنفسنا الصعداء  وتهيأنا للخروج وكلنا شوق لمعانقة مجهول اسمه الفاشر،  لفحتنا نسائم  ساخنة على عتبات سلم الطائرة  فقد كان لايزال باقيا من حر الظهيرة بقية. جلنا بأعيننا في المطار الصغير،كانت المفاجأة بانتظارى غير بعيد، فقد كان زملاء المهنة على بكرة ابيهم في استقبالنا  عند سلم الطائرة  بمعية رئيس الجهاز القضائي آنذاك مولانا طلحة حسن طلحة ذلك الرجل الضخم الذى جعل اقامتنا هناك سهلة ورائعة بفضل قدرته في جعل الكل جسدا وعقلا واحدا ، كان ذلك  التقليد الفريد عنوانا بارزا لما هو كائن في ذلك المجتمع الصغير في تلك البقعة الساحرة.. خرجنا من المطار يومها في موكب من سيارات القضائية توجهت جميعها نحو منازل القضائية التى تقع شمال المطار وغرب استاد الفاشر، وكانت المساحة الواقعة امام تلك البيوت مكسوة بالحشائش الخضراء على امتداد البصر ولم يكن هنالك أي مبانى على الأطلاق في ذلك الزمن في تلك المنطقة سوى بيوت القضاة.كان أحد تلك البيوت معدا لاستقبالنا وهو منزل مؤثث بجميع الاحتياجات الضرورية قضينا فيه بضعة أيام قبل أن نشد الرحال من الفاشر الى مدينة مليط محطة عملى الأولى في دارفور. بالطبع لم ينته حفل الاستقبال بالمطار ، بل كان الاستقبال ممتدا ، شمل وجبة غداء جماعية وجلسة أنس وتعارف امتدت حتى ما بعد العشاء،وكان تجمعا على مستوى عائلي كبير. فيه دفء انسانا بعد السفر وهواجس كثيرة ارتبطت به. من الطرائف التى لا انساها ابدا اننى جئت حاملا معى طبقا ضخما مصنعا بمدينة شندى لالتقاط البث الفضائي  ومعه جهاز الاستقبال ظنا منى اننى لن اجد مثله بالغرب ، فوجدت أصغر القرى هنالك تعج بالاف الاطباق المستوردة  والمصنعة التى تعانق السماء مثل نسور جائعة، وانتهى طبقي العزيز بعد ذلك بسنوات هدية عند أحد المعارف بالفاشر تخلصا من عبئه بعد ان حلت محله الاطباق الصغيرة الانيقة القادمة عبر الصحراء من ليبيا.

No comments:

Post a Comment

شكرا علي المشاركة والتواصل